قال الإمامُ ابنُ القيِّم في كتابه «إغاثة اللهفان»: «قال ابنُ أبي الدُّنيا: حدَّثَني رجلٌ مِن قُرَيش-ُذكر أنه مِن وَلَد طلحةَ بن عُبيد الله-، قال: كان توبةُ بنُ الصِّمَّةِ-بالرَّقَّةِ-، وكان محاسِباً لنفسِه، فحسِب يوماً؛ فإذا هو ابنُ ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحدٌ وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم! فصرخ، وقال: يا ويلتى؛ أَلْقى ربي بأحدٍ وعشرين ألفَ ذنبٍ؟! كيف وفي كل يوم آلافٌ مِن الذنوب؟! ثم خرج مَغشيّاً عليه، فإذا هو مَيْتٌ! فسمعوا قائلاً يقول: «يا لكِ رَكضةً إلى الفردوس الأعلى». وجُمَّاعُ ذلك:
* أن يحاسِبَ نفسَه –أولاً- على الفرائض؛ فإن تذكّر فيها نقصاً تداركه: إما بقضاء ، أو إصلاح.
* ثم يحاسبَها على المناهي؛ فإنْ عرف أنه ارتكب منها شيئاً:تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحِية.
* ثم يحاسبَ نفسه على الغفلة.
* فإنْ كان قد غَفَلَ عمّا خُلق له : تداركه بالذِّكر والإقبال على الله- تعالى-.
* ثم يحاسبَها بما تكلّم به، أو مشت إليه رِجْلاه، أو بَطَشَتْ يداه، أو سَمِعَتْهُ أُذُناه:
– ماذا أَرادَتْ بهذا؟!
– ولِمَ فَعَلَتْهُ؟!
– وعلى أيِّ وجهٍ فَعَلَتْهُ ؟!
… ويَعلمَ أنه لا بُدَّ أن يُنشَرَ لكل حركةٍ وكلمةٍ -منه- ديوانان:
ديوان:لم فَعَلْتَهُ ؟
و:
[ديوان]: كيف فَعَلْتَهُ ؟!
فالأولُ: سؤالٌ عن الإخلاصِ.
والثاني: سؤالٌ عن المتابعةِ.
وقال- تعالى-: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْمَلُونَ﴾[الحجر: 92 – 93]. وقال –تعالى-: ﴿فَلَنَسْئَلَنَّ الّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ المُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبينَ﴾[الأعراف: 6 – 7] .
وقال- تعالى-: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهمْ﴾[الأحزاب: 8].
فإذا سُئل الصادِقون، وحُوسِبُوا على صِدقِهم ؛ فما الظنُّ بالكاذِبين؟!»..