عمري 25 سنة متزوجة منذ ثلاث سنوات -والحمد لله- سعيدة مع زوجي وأحبه، وقد تأخر حملي، فلجأت إلى عملية أطفال الأنابيب، ونجحت، وفرحت أنا وزوجي وكل أهلنا كثيرًا، وفي شهري السادس من الحمل توقف نبض بنتي، وتوفيت، وولدتها ورأيتها بعيني وهي متوفاة، وكانت مكتملة النمو، وجميلة جدًّا، وذهب زوجي ودفنها في المقابر، وصلوا عليها بعد صلاة الجمعة، ولا أقدر أن أنام، ودائمًا أراها كما رأيتها حين ولدتها، وأتمنى من الله أن يصبر قلبي بقدر الحب الذي بقلبي لها، فهل سوف تدخلني ووالدها الجنة؟ وهل موت بنتي لأنني لم أصبر على تأخر الحمل، ولجأت إلى أطفال الأنابيب؟ وهل أستطيع أن ألجأ إلى هذه العملية مرة أخرى؛ لأنني أخاف إن فعلتها أن أكون معترضة على قضاء الله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يأجركما في مصيبتكما، ويخلف لكما خيرًا منها، ويرزقكما بالذرية الصالحة، واعلمي أنّ الصبر على موت السقط، أجره عظيم، وقد ورد في الأخبار ما يدل على كونه سببًا في دخول الجنة، والنجاة من النار، فعَنْ مُعَاذٍ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: … وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ.
قال المنذري -رحمه الله-: رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن ـ وحسنه الألباني -رحمه الله- في صحيح الجامع.
وقال النووي -رحمه الله-: وَمِنْهَا: أَنَّ مَوْتَ الْوَاحِدِ مِنْ الْأَوْلَادِ حِجَابٌ مِنْ النَّارِ، وَكَذَا السَّقْطُ.
وأمّا قولك: إنّ موت السقط سببه طلب الحمل عن طريق أطفال الأنابيب، فهذا غير صحيح، فسعيكم للإنجاب بالوسائل المشروعة لا يعد اعتراضًا على القدر، أو دليلًا على عدم الصبر والرضا به، فالأخذ بالأسباب لا ينافي الصبر، والرضا بالقدر، وفي سنن الترمذي: قلت: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئًا؟ قال: هي من قدر الله.
فلا حرج عليك في معاودة السعي إلى الإنجاب عن طريق أطفال الأنابيب بالضوابط الشرعية التي بيناها في الفتاوى التالية أرقامها: 5995، 4380، 1458.
والله أعلم.